آخر الأخبار:

فن خسارة القضايا

قبل ستة ايام كل شيء كان يبدو طبيعيا .. العالم يستعد للذكرى الحادية عشر لاحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ... تزامن ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الامريكية بين الرئيس الحالي باراك اوباما ذو التوجهه المعتدل نسبيا تجاه العرب و المسلمين امام مرشح الحزب الجمهوري الاكثر تطرفا روميني ... بعض النشطاء الامريكان نظموا وقفات يبرئون فيها المسلمين من احداث الحادي عشر من سبتمبر و يتهمون صراحة بوش و حكومته و من ورائهما حزبه بانهم هم من وقفوا وراء تلك الاحداث ... اما الاجواء داخل دول الربيع العربي بدأت تتجه نحو الاستقرار .. فجأه يظهر على الساحة فيلما قصيرا ردىء المستوي مدته ثلاث دقائق مدبلجا الى العامية المصرية المفهوم من هذه الدقائق الثلاث انه يحكي قصة نبي الاسلام باسلوب سافل سافرا فيه الكثير من الاهانة و الاستفزاز للمسلمين  ( بثته القنوات الاسلامية ) و سريعا خرجت الاتهامات ضد اقباط الداخل و الخارج .. بعد ساعات قليلة يخرج علينا موريس صادق و هو مسيحي مصري  قبل ان يتم سحب الجنسية منه قبل عام - يلقب نفسه برئيس جمهورية الاقباط -  ليعلن لنا انه احد صناع الفيلم ردا على اضطهاد المسلمين للاقباط في مصر و انه تم تصويره بالكامل في امريكا .. لكن كان رد الكنيسة سريعا قويا حاسما امتص غضب المسلمين تجاه الاقباط أكد على احترام الاسلام و المسلمين و تبرأهم الكامل من هذا العمل الوضيع  .. بل و نظمت شقيقة الشهيد مينا دانيال وقفة احتجاجية تندد بالفيلم المسيء .. فتحول الغضب تجاه امريكا البلد الذي صور الفيلم بداخله و اغلب صناع الفيلم يحملون جنسيته .. فاذا بتظاهرات تجتاح القاهره و صنعاء و طرابلس ضد امريكا كدولة حاملين اعلام تنظيم القاعدة و صور اسامة بن لادن الارهابي لتبدأ سلسة من الاخطاء القاتلة بدات بحصار السفارات ومحاولة اقتحامها حتى وصلنا الى كارثة قتل السفير الامريكي في ليبيا  .. و هو الامر الذي لا يوجد مسلما عاقلا يقبله ابدا . 


و خلال ساعات قليلة تحولنا من فئة اعتدى عليها الي الفئة الباغية .. فحصار السفارات و محاولة اقتحامها رغم اننا اعطينا من فيها الامان هو امر منافي للقانون و الدين .. اما قتل السفير الامريكي بليبيا فكانت الطامة الكبرى التي لا يعلم احد الي اي نتيجة ستؤدي .. نجحنا باقتدار في افشال القضية و تحويلها الي صراع سياسي استغله روميني في مهاجمه خصمه اوباما متهما اياه بالمتساهل مع العرب و هذه هي النتيجة يقتلون السفراء و يحاصرون السفارات .. فما كان رد اوباما الى انه صرح بان مصر ليست حليفا و ارسل قطع بحرية لتامين الدبلوماسيين في ليبيا .. و كما اننا مع الاسف نجحنا في تثبيت الصورة الذهنية عند المواطن الامريكي العادي فالعرب في نظره قتلة .. مجرمين .. همج .. لا يحترموا الاخر .. كلهم اسامة بن لادن ... و بالطبع نجح رجال الحزب الجمهوري في استغلال الامر سياسيا ضد مرشح الحزب الديمقراطي كدليل على فشل سياسته الخارجية و تحول الامر  بسبب سوء التصرف من جانبنا من مسلمين تم الاساءة لنبيهم و دينهم الي لعبة سياسية بين الحمار و الفيل !!



بعد ان خسرنا القضية خارجيا اذا بنا نخسرها فيما بيننا .. ففي مصر تحول الامر الى مزايادات بين الاخوان و السلفيين و الجماعة الاسلامية .. فالسلفيين حشدوا و تظاهروا امام السفارة الامريكية و حملوا اعلام تنظيم القاعدة على طريقة ( موتوا بغيظكم ) في بلاهه يحسدون عليها  و حرقوا الاعلام و منهم من حرق نسخة من الانجيل و حاولوا اقتحام السفارة و اشتبكوا مع الامن و بدات الاحاديث عن الاخوان باعوا القضية !!  بينما تعامل الاخوان بتعقل  و هدوء اكثر فكانت بيانات الرئاسة كموقف رسمي  و اكتفوا بمليونية اليوم البعيدة عن السفارة الامريكية للتعبير عن الغضب الشعبي حول هذا الفيلم المسىء .. لتطفوا على السطح  نظرية احراج الاخوان للسلفيين ... و يبدا فاصل من المزايادات بين الاخوان الذين تعاملوا بهدوء و السلفيين المندفعيين .. تكرر الامر في ليبيا و بدات نظرية احراج التيار السلفي الخاسر في الانتخابات الاخيرة للطرف الليبرالي المنتصر بعد الهجوم على السفارة لاظهار عجزه و فشله الامني .. و كان الامر مشابهه في اليمن .


 للاسف نجحنا باقتدار شديد في خسارة قضيتنا خارجيا و تحولنا من طرف اعتدي على مقدساته بفيلم من صنع مجموعة من السفهاء الى طرف همجي .. قاتل .. ارهابي .. يحمل اعلام تنظيم القاعدة !!  و تاهت القضية داخليا بمزايادات بين اطراف كل منها يري انه حامي حمي الاسلام !!


by

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رابطة الطلاب الليبراليين Designed by Templateism.com Copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة Bim. يتم التشغيل بواسطة Blogger.