آخر الأخبار:

بلد العملاء

 
 
بلد العملاء

الجمعة، 25 نوفمبر، 2011

فى بلدى مصر كلنا عملاء ،مبارك من الأكيد أنه عميل وحكوماته عملاء لأن الثورة أخبرتنا ذلك وللحقيقة سواء أخبرتنا الثورة أو لم تخبرنا هم فعلاُ كذلك .

والثوار كانوا عملاء عندما أخبرنا مبارك وحكومته فى أيام الثورة ولكن بعد نجاح الثورة مبدئياً فى الإطاحة بمبارك وحكومته أصبحوا أبطال ثم عملاء لأن العسكرى أراد الحكم أو لم يريد الثوار زعماء ، وفى واقع الأمر الثوار ليسوا عملاء وإن كان ذلك فى قلة قليلة غير مؤثرة منهم .

والمثقفين فى عهد مبارك كانوا عملاء وربما مازالوا ، والسلفيين عملاء للسعودية ، والشيعة عملاء لإيران والإخوان عملاء لقطر ،والحكومة وقادة الجيش عملاء لأمريكا .

والشعب من وسط هؤلاء هو عميل لحكامه عادلين كانوا أم ظالمين .

وهذا هو الأمر الذى جعل فى بلدى خدمة للعملاء ولم يجعل فيها خدمات للمواطنيين حتى أننى عندما أتصل بالشرطة أو الإسعاف يرد على موظفى خدمة العملاء .

لا والأكثر من ذلك والداهية الكبرى التى تضر بأمن الوطن وتهدد سلامته أن عم محمد البواب أصبح عميلاً ، نعم لا تستغربون !

لقد رأيته وهو يشترى سجائر أجنبى لنفسه ، فذهبت إليه وسألته من أين لك هذا ؟ - فتردد واضطرب .

وراقبته جيداً فرأيته وهو يشترى فول أمريكانا ويبتاع الخبز الشامى غير المدعم عندها تيقنت أنه عميل بل زعيم عملاء .

كان الأمر كارثة بكل المقاييس لأن عم محمد البواب هو من مثقفين هذا البلد ومن عظمائها بالعصر الحديث ، أنتم لا تعرفون إنجازاته جيداً لكنى سأقصها عليكم .

كان عم محمد البواب هو الموزع الرسمى لأعلام مصر وقت المباريات فى شارعنا ولكن كان وللأمانة وقت المظاهرات يختبىء فى منزله ويشاهد توم وجيرى حتى لا يمسكه أمن الدولة وهو متلبس يتابع الأخبار .

أما عن الكتب التى تعلمها فهى كثيرة وبالذات قصص الخيال العلمى للدكتور نبيل فاروق لقد كان يحفظها عن ظهر قلب مع أنه لا يعرف القراءة والكتابة بل كان يسمع ابنه وهو يقرأها بالصوت العالى الذى كان يصل إلينا فى أعالى الأدوار .

وأنتم أيضا تجهلون ولأسباب غير معلومة دوره فى حياتى !

لقد كنت أنزل لألعب مع ابنة الجيران ذو الأعين الزرقاء والشعر الذهبى الذى يشبه بطلات قصص الأطفال وأنا صغير فتتأخر كعادتها .، فأجلس معه لأنتظرها ويلاعبنى سيجا فأغلبه حتى احترفتها وإن كنت لا ألعب مع غيره ولكن وللأمانة لعبت مع أخى الصغير أخر مرة سيجا فغلبنى .

لقد كان حقاً من العظماء ، كانت ابنة الجيران عندما تنزل بعد طول وقت وتأتى لنلعب الكرة أنا وهى وأصدقاء أخرون من أبناء الجيران وتأتى الكرة فى وجه عم محمد ، لم يكن يؤذينا وإن كان يؤذى الكرة ويهددنا برش المياه ويقول : روحوا العبوا بعيد يا ابنى أنت وهي .

وربما أخذتكم للماضى بعض الشىء لكن لا تخافوا من ابنة الجيران فهى ليست عميلة وإن كانت تعمل فى خدمة العملاء، وهذا الأخير الذى جعلنى أتصل بخدمة العملاء لأحدثها فردت على فتاة أخرى صوتها جميل ولكنى لم أكن أريدها هى ، أنا أردت ابنة الجيران فطلبتها بإسمها فاعتزرت لى صاحبة الصوت وقالت عزيزى العميل ...

فقاطعتها بسرعة قائلاً : لا أنا لست عميلاً
فقالت لى من تكون إذن فأعقبت بالرد : أنا الصبى الذى كان يلعب مع أحد موظفات خدمة العملاء لديكم فى طفولتهما فهل أوصلتينى بها
قالت لى : هل أنت متأكد أنك لست عميلاً فى شركتنا
قلت لها : يا فندم أنا وطنى جداً وبحب مصر لكن ممكن توصليبنى ببنت الجيران
ردت على : عزيزى العميل نشكرك على الاتصال بنا ونتمنى أن نكون عند حسن ظنكم ، وأغلقت الهاتف فى وجهى " واضح أنها كانت متضايقة بعض الشىء لكنى لا أعرف السبب ربما تكون غيرة بنات "

وكررت المحاولة ولكن هذه المرة رد على صوت غليظ ولم يبدأ كالعادة ب " عزيزى العميل " ، لقد قال : معاك قسم شرطة أول

ولكنى لم أهتم ربما هو أحد موظفى خدمة العملاء وبيهزر معى بعض الشىء ، فسألته عن جارتنا ، فرد بإحترام تام وقال : أغلق الهاتف يا حيوان يا بن .......... إلخ

سمعت توليفة رائعة من الشتائم ولكن الرقابة تحظرها لا لأنها شتائم بل لأن قائلها شرطى ولذلك لم أكتبها ، وفى النهاية أعيش فى بلد به خدمة للعملاء وليس به خدمات للمواطنين لا تخدم الشركات زبائنها ولا تخدم الحكومات شعوبها .

هذا فى مصر قبل وبعد الثورة هل يتغير أم تدور الدائرة لننتظر ثورة أخرى وعلى رأى عمنا جلال عامر " إذا فشلت ثورة بتوع الكمبيوتر ستأتى ثورة بتوع الأنيميا " .

وبمناسبة هذا المقال إذا كان أحدكم له معرفة بأحد مديرى خدمة العملاء فليخبره أنى أريد أن أعمل فى خدمة العملاء ولكن فى نفس المكان الذى تعمل فيه ابنة الجيران .

حيث أخبرنى أحد أصدقائى أننى إذا كنت من العاملين بخدمة العملاء واتصلت بالشرطة فسوف ترد على السفارة الأمريكية ويرحلونى إلى بغداد .

وأطلب من القراء الأعزاء أن ينضموا إلينا فى حملة التضامن مع عم محمد البواب المعتقل فى غوانتانامو لأنه قاطع السجائر الأجنبى ولم يشترى فول أمريكانا وشاهد الأخبار بالتليفزيون وباع الأعلام وقت المظاهرات بل والأكثر من ذلك أنه شارك فى المظاهرات بنفسه ومع ذلك قالوا أيضاً عليه عميلاً .

تأليف : أمين سعيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رابطة الطلاب الليبراليين Designed by Templateism.com Copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة Bim. يتم التشغيل بواسطة Blogger.